المتحررون
لابد أن هناك جزء ما فى مخ الإنسان يجعله مدرك للزمان و المكان الذى هو فيه و ما يترتب على ذلك من تبعات و توقعات و قيود … لكن يبدو أن هناك بعض الناس لا يملكون أى إدراك لظروف الزمان و المكان الذىن هم فيه …. لا أدرى هل هذا بسبب عجزهم عن هذا الإدراك أم أنهم قرروا الخروج من سطوة الإدراك و الوعى إلى فوضى و حرية الخلل و اللاوعي …
نعمة هى فعلًا أن يشعر الإنسان أنه غير مقيد بأى معايير إجتماعية أو أى تقاليد إنسانية … يتصل بك أحدهم فى الثالثة صباحًا و يصيح فى أذنك عبر الهاتف (( أيوا يا أحمد … أنت فين؟؟ )) …. الطبيعى أن تقوم بإلقاء سبة بذيئة على مسامع المتكلم لكنك تجد نفسك ترد فى ذهول (( أنا فى البيت أكيد )) … يرد فى إصرار غريب على عدم الإدراك … ((بتعمل أيه ؟)) … لقد باغتك بسؤال ثانى أغرب من الأول … و لكنك تحاول أن تجيب على السؤال لعل هناك سبب مقنع لهذه المكالمة (( نايم… حكون بعمل إيه يعنى دلوقتى ؟)) … ثم تكتشف أن سلسلة الأسئلة التى تتحدى توقعاتكً لم تنتهى بعد (( مش عايز تخرج شوية ؟؟)) … تكتشف فى هذه اللحظة أنها ليست مكالمة طوارئ و ليست مقلب … و لكنها مكالمة عادية جدًا من شخص لا يشعر بأنه يتصرف تصرف خارج المألوف … هو لم يتلقى أى إشارة من داخل عقله أو من العالم الخارجى تجعله يشعر بأن هذا ليس وقت خروج ولا وقت إتصال بالغير أصلًا.
جلست مرة فى المسجد بعد صلاة العصر و رن هاتف أحد الشباب … رد على الهاتف ثم استلقى على ظهره و بدأ فى كلام من نوعية (( بتعملى أيه )) … (( وراكى حاجة النهاردة)) … المشكلة أن صوت الهاتف كان مرتفع و كنا جميعًا نعرف أنه يتحدث مع فتاة بسبب الهدوء الشديد داخل المسجد … كلنا تقريبًا كنا عاجزين عن إبداء أى رد فعل … لأن الموقف فعلًا كان أغبى من أن يُناقش أو يُنكر عليه … و لكنى لا أظن أن هذا الفتى يحترم المسجد أقل من أى أحد من الموجودين … هو فقط غير مدرك أنه يتصرف بشكل غير لائق فى مكان مقدس.
كنت أسير يومًا بأحد اسواق الأسكندرية و صوت الباعة يصم الأذن و كانت الأرض كلها قذرة بسبب الذبح و الرائحة تسبب الغثيان … و حرارة الجو كانت مرتفعة و الرطوبة عالية جدًا … و الناس على وشك أن يقتلوا بعض فى أى لحظة لأنهم أصلًا مش طايقين هدومهم … و إذ بى أسمع شاب يقف فى جنب الشارع و يمسك هاتفه (( طب انتِ لابسة أيه دلوقتى؟)) …. لم يكن من الممكن أن أجد تعليق مناسب على هذا المشهد . لكن هذا الشاب بالتأكيد منفصل تمامًا عن المشهد الذي هو موجود فيه.
حكى لى أحد اصدقائي مرة و هو ليس مسلم ( و العهدة على الراوى هنا ) أنهم كانوا فى الكنيسة ذات ليلة و كانت ليلة أحد الأعياد المسيحية و قد إستمر القداس لساعات طويلة .. هنا قالت فتاة لمن تجلس بجوارها بصوت مسموع (( هما حيخلصوا أمتى ؟.. ده الفجر قرب يأذن )) …
أنا لا أدرى هل هؤلاء الناس فعلًا غير قادرين على إدراك أين هم أو ما الوقت … أم أنهم قرروا تجاهل الإشارات الغريزية التى يبعثها المخ و ينظمها المجتمع لكى يصبحوا أكثر سعادة و أقل تكلفًا فى التصرفات و الكلام …. أم هى قدرات عقلية خاصة تجعل الأنسان على فطرته و غير ملتزم بأى قيود إجتماعية .. و تجعله يتلقى كل ردود فعله و تصرفاته من داخله و ليس من العوامل الخارجية … هذا التحرر يبدو و كأنه بجعل الإنسان أكثر سعادة .. لأنهم يعيشون داخل عالمهم الخاص بمعايير صنعوها هم لأنفسهم … معايير ليس لها قوانين أو قيود محددة … أم أنها نقمة تجعل سائر الناس يتعاملون معهم و كأنهم مجانين ؟.
نعمة هى فعلًا أن يشعر الإنسان أنه غير مقيد بأى معايير إجتماعية أو أى تقاليد إنسانية … يتصل بك أحدهم فى الثالثة صباحًا و يصيح فى أذنك عبر الهاتف (( أيوا يا أحمد … أنت فين؟؟ )) …. الطبيعى أن تقوم بإلقاء سبة بذيئة على مسامع المتكلم لكنك تجد نفسك ترد فى ذهول (( أنا فى البيت أكيد )) … يرد فى إصرار غريب على عدم الإدراك … ((بتعمل أيه ؟)) … لقد باغتك بسؤال ثانى أغرب من الأول … و لكنك تحاول أن تجيب على السؤال لعل هناك سبب مقنع لهذه المكالمة (( نايم… حكون بعمل إيه يعنى دلوقتى ؟)) … ثم تكتشف أن سلسلة الأسئلة التى تتحدى توقعاتكً لم تنتهى بعد (( مش عايز تخرج شوية ؟؟)) … تكتشف فى هذه اللحظة أنها ليست مكالمة طوارئ و ليست مقلب … و لكنها مكالمة عادية جدًا من شخص لا يشعر بأنه يتصرف تصرف خارج المألوف … هو لم يتلقى أى إشارة من داخل عقله أو من العالم الخارجى تجعله يشعر بأن هذا ليس وقت خروج ولا وقت إتصال بالغير أصلًا.
جلست مرة فى المسجد بعد صلاة العصر و رن هاتف أحد الشباب … رد على الهاتف ثم استلقى على ظهره و بدأ فى كلام من نوعية (( بتعملى أيه )) … (( وراكى حاجة النهاردة)) … المشكلة أن صوت الهاتف كان مرتفع و كنا جميعًا نعرف أنه يتحدث مع فتاة بسبب الهدوء الشديد داخل المسجد … كلنا تقريبًا كنا عاجزين عن إبداء أى رد فعل … لأن الموقف فعلًا كان أغبى من أن يُناقش أو يُنكر عليه … و لكنى لا أظن أن هذا الفتى يحترم المسجد أقل من أى أحد من الموجودين … هو فقط غير مدرك أنه يتصرف بشكل غير لائق فى مكان مقدس.
كنت أسير يومًا بأحد اسواق الأسكندرية و صوت الباعة يصم الأذن و كانت الأرض كلها قذرة بسبب الذبح و الرائحة تسبب الغثيان … و حرارة الجو كانت مرتفعة و الرطوبة عالية جدًا … و الناس على وشك أن يقتلوا بعض فى أى لحظة لأنهم أصلًا مش طايقين هدومهم … و إذ بى أسمع شاب يقف فى جنب الشارع و يمسك هاتفه (( طب انتِ لابسة أيه دلوقتى؟)) …. لم يكن من الممكن أن أجد تعليق مناسب على هذا المشهد . لكن هذا الشاب بالتأكيد منفصل تمامًا عن المشهد الذي هو موجود فيه.
حكى لى أحد اصدقائي مرة و هو ليس مسلم ( و العهدة على الراوى هنا ) أنهم كانوا فى الكنيسة ذات ليلة و كانت ليلة أحد الأعياد المسيحية و قد إستمر القداس لساعات طويلة .. هنا قالت فتاة لمن تجلس بجوارها بصوت مسموع (( هما حيخلصوا أمتى ؟.. ده الفجر قرب يأذن )) …
أنا لا أدرى هل هؤلاء الناس فعلًا غير قادرين على إدراك أين هم أو ما الوقت … أم أنهم قرروا تجاهل الإشارات الغريزية التى يبعثها المخ و ينظمها المجتمع لكى يصبحوا أكثر سعادة و أقل تكلفًا فى التصرفات و الكلام …. أم هى قدرات عقلية خاصة تجعل الأنسان على فطرته و غير ملتزم بأى قيود إجتماعية .. و تجعله يتلقى كل ردود فعله و تصرفاته من داخله و ليس من العوامل الخارجية … هذا التحرر يبدو و كأنه بجعل الإنسان أكثر سعادة .. لأنهم يعيشون داخل عالمهم الخاص بمعايير صنعوها هم لأنفسهم … معايير ليس لها قوانين أو قيود محددة … أم أنها نقمة تجعل سائر الناس يتعاملون معهم و كأنهم مجانين ؟.
تعليقات
إرسال تعليق